انواع الاهلية القانونية

**المستشار** الأحد 29 ديسمبر 2013, 10:38 am

بسم الله الرحمن الرحيم

عرفنا الأهلية في موضوع سابق بأنها صلاحية الشخص لأن تتعلق بذمته حقوق له أو عليه ولأن يباشر بنفسه الأعمال القانونية والقضائية المتعلقة بهذه الحقوق ، ومن هذا التعريف يظهر لنا أن هناك نوعان من الأهلية : أهلية تتعلق بالحقوق التي تجب للانسان وتسمى أهلية الوجوب ، وأهلية تتعلق بالالتزامات التي تترتب عليه والتصرفات القانونية التي يقوم بها وتسمى أهلية الأداء

أولاً : أهلية الوجوب

يمكن تعريف أهلية الوجوب بأنها وصف في الشخص يقوم على مدى صلاحيته لكسب الحقوق والتحمل بالواجبات . وأساس ثبوت أهلية الوجوب للانسان هو الحياة إذ بالحياة تكون الذمة وبالتالي يكون أهلاً للوجوب له وعليه . وإذا أخذنا بالأصل العام الذي يقضي بأن ثبوت الأهلية للشخص الطبيعي إنما يبدأ ببدء شخصيته منذ ولادته ، فإن ذلك يؤدي إلى أن الجنين في رحم أمه لا يملك أية أهلية مما قد يؤدي ذلك إلى الاضرار به لدى ولادته حياً ، لأن إنكار شخصيته يؤدي إلى فقدان حقه في الارث والوصية ، لذلك نصت القوانين على شخصية الجنين ولو كانت ناقصة ، وبالتالي تكون له أهلية ناقصة

وأهلية الوجوب هي في الواقع الشخص نفسه منظوراً إليه من الناحية القانونية ، فالشخص إنما ينظر إليه القانون من ناحية أنه صالح لأن تكون له حقوق وعليه واجبات ، فكل إنسان شخص قانوني تتوافر فيه أهلية الوجوب من قبل ميلاده وإلى ما بعد وفاته ، فإذا انعدمت أهلية الوجوب انعدمت الشخصية معها ، وذلك كالجنين يولد ميتاً وكالميت بعد سداد ديونه وكالرقيق في القوانين التي كانت تبيح الرق

فأهلية الوجوب والشخصية القانونية مصطلحان لمعنى واحد ، فكل منهما عبارة عن صلاحية تتوفر للشخص لكسب الحقوق والتحمل بالواجبات ، ولكنهما تختلفان في أن الشخصية تعبير عن وصف مجرد لا يقبل النقصان فهي تثبت للشخص ولو لم يكن صالحاً إلا لاكتساب حق واحد ، بينما أهلية الوجوب تعبير عن مدى ما يتوفر للشخص من صلاحية في هذا الخصوص

وبالرغم من أن الأصل أن جميع الأشخاص متساوون في أهلية الوجوب ، فإن القانون يقيد هذه الأهلية ويحد منها بالنسبة لبعض الحقوق ، مثل حالة الجنين الذي ليست له إلا أهلية وجوب ناقصة ، وكذلك ما نصت عليه قوانين بعض الدول من حرمان الأجانب من أهلية الوجوب بالنسبة إلى حقوق الملكية العقارية

ثانياً : أهلية الأداء

تعرف أهلية الأداء بأنها صلاحية الشخص لاستعمال الحق ، أو أنها صلاحية الانسان لممارسة حقوقه بنفسه وإلزام نفسه بالتزامات مالية بنفسه أيضاً . ويعرفها الفقه الاسلامي بأنها صلاحية الانسان لأن يطالب بالأداء ولأن تعتبر أقواله وأفعاله وتترتب عليها آثارها الشرعية . ومن هذه التعريفات يمكننا القول أن أهلية الأداء تتعلق بصلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية ، كالبيع والايجار والوصية وغيرها ، والتصرف القانوني هو عمل الارادة حين تتجه إلى إحداث الأثر القانوني ، لذلك فإن مناط هذه الأهلية هو التمييز ، أي أن مدى توافر أهلية الأداء عند الانسان يتحدد تبعاً لمدى قدرته على التمييز ، ووزن التصرفات ومعرفته ما تنطوي عليها من نفع أو ضرر

أساس أهلية الأداء إذن هو التمييز ، وقد ذكرنا سابقاً أن أساس أهلية الوجوب هو الحياة ، وعليه فإنه يمكن الفصل ما بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء فصلاً تاماً حيث يختلف أساس كل منهما فيمكن القول بأن الانسان الذي تتوفر عنده أهلية الوجوب لا تتوفر عنده أهلية الأداء ، بينما إذا توافرت عند الانسان أهلية الأداء فإنه يتمتع بأهلية الوجوب حتماً ، لأن أي تصرف قانوني تشترط فيه إرادة المتصرف خالية من العيوب ولا تشترط الارادة في أهلية الوجوب . لذلك فكلما ذكرت الأهلية يكون المقصود فيها عادة أهلية الأداء ما لم يشر صراحة إلى غير ذلك