خبيب بن عدي ( الذي بلعته الأرض )

**المستشار** الجمعة 29 أغسطس 2014, 4:30 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كرامات وبركات جعلها الله من نصيبهم لما أظهروه من وقوف على الحق وثبات وإيمان راسخ لا يهزه ولا يؤثر فيه شيء ، وهذا أحدهم إنه الصحابي خبيب بن عدي رضي الله عنه أحد الأنصار الصادقين من قبيلة الأوس ، لازم النبي صلى الله عليه وسلم منذ أن هاجر إليهم

وكان عذب الروح قوي الايمان وصفه شاعر الاسلام حسان بن ثابت فقال عنه :
صقراً توسط في الأنصار منصبه *** سمح السجية محضاً غير مؤتشب

شارك في غزوة بدر فكان جندياً باسلاً ومقاتلاً شجاعاً قتل عدداً كبيراً من المشركين من بينهم الحارث بن عامر بن نوفل

وذات يوم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف نوايا قريش ومدى استعدادهم لغزو جديد فاختار عشرة من أصحابه من بينهم خبيب بن عدي وجعل عاصم بن ثابت أميراً عليهم ، وانطلقوا ناحية مكة حتى اقتربوا منها فوصل خبرهم إلى قوم من بني لحيان فأخذوا يتتبعونهم فأحس عاصم أنهم يطاردونهم فدعا أصحابه إلى صعود قمة عالية على رأس جبل ، فاقترب منهم مائة رجل من المشركين وحاصروهم ودعوهم إلى تسليم أنفسهم بعد أن أعطوهم الأمان

فنظر الصحابة إلى أميرهم عاصم فإذا هو يقول : أما أنا فوالله لا أنزل في ذمة مشرك اللهم أخبر عنا نبيك . فلما رأى المشركون أن المسلمين لا يريدون الاستسلام رموهم بالنبال فاستشهد عاصم ومعه ستة آخرون ولم يبق إلا خبيب واثنان معه هما زيد بن الدثنة ومرثد بن أبي مرثد ، ولما رأى مرثد بداية الغدر حاول الهرب فقتله البغاة ثم ربطوا خبيباً وزيداً وساروا بهما إلى مكة حيث باعوهما هناك

وعندما سمع بنو حارث بوجود خبيب أسرعوا بشرائه ليأخذوا بثأر أبيهم الذي قتله خبيب يوم بدر ، وظل خبيب في بيت عقبة بن الحارث أسيراً مقيداً بالحديد

وذات يوم دخلت عليه إحدى بنات الحارث فوجدت عنده شيئاً عجيباً فخرجت وهي تناديهم وهي تقول والله لقد رأيته يحمل قطفاً كبيراً من عنب يأكل منه وإنه لموثق بالحديد وما بمكة كلها ثمرة عنب واحدة ، ما أظنه إلا رزقاً رزقه الله خبيباً

ولما أجمع المشركون على قتل خبيب استعار موسياً من إحدى بنات الحارث ليستحد به فأعارته ، وكان لهذه المرأة صبي صغير غفلت عنه قليلاً فذهب الصبي إلى خبيب فوضعه على فخذه وفي يده الموسي ، فلما رأته المرأة فزعت وخافت على صبيها فقال لها خبيب أتخشين أن أقتله ؟ ما كنت لأفعل إن شاء الله فقالت المرأة ما رأيت أسيراً خير من خبيب

وأراد المشركون أن يدخلوا الرعب في قلب خبيب فحملوا إليه نبأ مقتل زيد بن الدثنة وراحوا يساومونه على إيمانه ويعدونه بالنجاة إن هو ترك دين محمد وعاد إلى آلهتهم ، ولكن خبيباً ظل متمسكاً بدينه إلى آخر لحظة في حياته

فلما يئسوا منه أخرجوه إلى مكان يسمى التنعيم وأرادوا صلبه فاستأذن منهم أن يصلي ركعتين فأذنوا له ، فصلى خبيب ركعتين في خشوع ( فكان بذلك أول من سن صلاة ركعتين عند القتل ) وبعد أن فرغ من صلاته نظر إليهم قائلاً : والله لولا أن تحسبوا أن بي جزعاً من الموت لازددت صلاة . ثم رفع يده إلى السماء ودعا عليهم : اللهم احصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تبق منهم أحداً . ثم أنشد يقول

ولست أبالي حين أُقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
في ذات الاله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع

ثم قاموا إلى صلبه وقبل أن تقترب منه سيوفهم قام إليه أحد زعماء قريش وقال له أتحب أن محمداً مكانك وأنت سليم معافى في أهلك ؟ فيصيح فيهم خبيب قائلاً : والله ما أحب أني في أهلي وولدي ومعي عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله بشوكة

إنها الكلمات التي قالها زيد بن الدثنة بالأمس يقولها خبيب اليوم مما جعل أبا سفيان - ولم يكن قد أسلم - يضرب كفاً بكف ويقول : والله ما رأيت أحداً يحب أحداً كما يحب أصحاب محمد محمداً

وما كاد خبيب ينتهي من كلماته هذه حتى تقدم إليه أحد المشركين وضربه بسيفه فسقط شهيداً ، وكانوا كلما جعلوا وجهه إلى غير القبلة يجدوه مستقبلها فلما عجزوا تركوه وعادوا إلى مكة

وبقي جثمان الشهيد على الخشب الذي صلب عليه حتى علم النبي صلى الله عليه وسلم بأمره فأرسل الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو فأنزلاه ثم حمله الزبير على فرسه وهو رطب لم يتغير منه شيء وسار به ، فلما لحقه المشركون قذفه الزبير فابتلعته الأرض فسمي بليع الأرض

خالد الخميس 11 يونيو 2015, 1:44 pm

ما شاء الله ... اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين .. اللهم أحسن خاتمتنا يا رب العالمين رب العرش العظيم

**المستشار** الخميس 11 يونيو 2015, 8:34 pm

اللهم آمين
بارك الله فيك
وشكراً لمرورك

خبيب بن عدي ( الذي بلعته الأرض )

خبيب بن عدي ( الذي بلعته الأرض )

رد: خبيب بن عدي ( الذي بلعته الأرض )

رد: خبيب بن عدي ( الذي بلعته الأرض )