( ... إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم ... }
صفحة 1 من اصل 1
( ... إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم ... }
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير وسبب نزول
{ إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم }
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فقد حذر الله عباده المؤمنين ، وأخبرهم أن من أولادهم وأزواجهم من هو عدو لهم ، كما أخبر أن الأموال والأولاد فتنة ، وذلك في قوله سبحانه :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
[ التغابن : 15]
والمراد بهذه العداوة أن الإنسان يلتهي بهم عن العمل الصالح ، أو يحملونه على قطيعة الرحم ، أو الوقوع في المعصية ، فيستجيب لهم بدافع المحبة لهم
ولهذا قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )
[ المنافقون : 9 ]
وقد أخرج الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً سأله عن هذه الآية ، فقال : هؤلاء رجال من أهل مكة أسلموا وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم ، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم - أي بعد مدة - ورأوا الناس قد فقهوا في الدين أي سبقوهم بالفقه في الدين لتأخر هؤلاء عن الهجرة ، فهمّوا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله هذه الآية : ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
[ التغابن : 14 ]
وعن عطاء بن يسار وابن عباس أيضاً أن هذه الآية نزلت بالمدينة في شأن عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد ، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه ، وقالوا : إلى من تدعنا ؟ فيرق لهم فيقعد عن الغزو ، وشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية في شأنهم
فالولد يكون عدوا لأبيه ، والزوجة تكون عدوة لزوجها إذا تسببا في صرف الرجل عن طاعة الله أو إيقاعه في معصية الله ، وهذا أمر معلوم مشاهد ، فكثير من الآباء يقصرون في البذل والإحسان بسبب أبنائهم ، ومنهم من يدخل بيته المنكرات استجابة لرغبة أهله وأولاده ، ولهذا كان على المسلم أن يحذر حتى يسلم
وأما كون المال والولد فتنة أي اختباراً وابتلاءً فأمر ظاهر ، فمن الناس من يكون المال والولد سبباً في صلاحه واستقامته ، ومنهم من يطغيه ذلك ، ويصرفه عن ربه سبحانه
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الأولاد : " إنهم لمجبنة محزنة " رواه أحمد
أي قد يدعون أباهم إلى الجبن وعدم الإقدام مع ما يصيبه من الحزن عند فقدهم
وفي رواية : " إن الولد مبخلة مجهلة محزنة " رواه الحاكم بسند صحيح
أي يكون سبباً في بخل أبيه بالمال ، وجبنه عن الإقدام ، ووقوعه في الجهل ، وانصرافه عن العلم
والله أعلم
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى