حكم كتاب الجفر وعلم الحرف والأوفاق
صفحة 1 من اصل 1
حكم كتاب الجفر وعلم الحرف والأوفاق
ما حقيقة كتاب الجفر المنسوب لسيدنا علي رضي الله عنه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فإن كتاب ( الجفر ) هو من ضلالات وافتراءات بعض الفرق الباطنة الذين ينسبونه لعلي بن أبي طالب أو جعفر الصادق ، والجفر هو ولد الماعز ، ويزعمون أن الأسرار والحقائق مكتوبة في جلده
وهذا كله من الكذب والافتراء ، ففي الحديث أن أبا جحيفة رضي الله عنه قال : قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله ؟ قال والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه ، إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن وما في هذه الصحيفة ، قلت وما في الصحيفة ؟ قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر . رواه البخاري
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : وبهذا الحديث ونحوه من الأحاديث الصحيحة استدل العلماء على أن كل ما يذكر عن علي وأهل البيت من أنهم اختصوا بعلم خصهم به النبي دون غيرهم كذب عليهم مثل ما يذكر منه الجفر والبطاقة والجدول وغير ذلك وما يأثره القرامطة الباطنية عنهم فإنه قد كذب على جعفر الصادق رضي الله عنه ما لم يكذب على غيره وكذلك كذب على علي رضي الله عنه وغيره من أئمة أهل البيت رضي الله عنهم
والله أعلم
ما هو موقف الاسلام من دراسة بعض العلوم القديمة كعلم الأوفاق والحرف ( دراسة أكاديمية علمية ) ، وإذا كان جوابكم بتحريم هذه العلوم لأنها شرك بالله وسحر فما قولكم ببعض مؤلفات كبار علماء الاسلام كالغزالي والسيوطي واليافعي اليمني وبعض كبار فقهاء المغرب كأبي العباس السبتي وبعض المتصوفة كالشاذلي وابن عربي وغيرهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فإن علم الحرف والأوفاق لم يكن معروفاً عند السلف رحمهم الله تعالى ولم ينقل عن أحد منهم الاشتغال به سواء الصحابة أو التابعون أو أتباع التابعين ، ومن أعلم وأتقى الناس بعدهم ؟!
ويؤكد هذه الحقيقة ابن خلدون في ( المقدمة ) حيث قال : وحدث هذا العلم في الملة بعد صدر منها ، وعند ظهور الغلاة من المتصوفة وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس وظهور الخوارق على أيديهم . انتهى
بل لم يعتبر به أحد من العلماء المتأخرين الراسخين المحققين ، وإنما المعروف عنهم تضليلهم لمزاوله في تفسير القرآن وتاريخ الأمور الغيبية ، ومن ذلك قول الامام الذهبي رحمه الله تعالى : قد جاءت النصوص في فناء هذه الدار وأهلها ونسف الجبال ، وذلك تواتره قطعي لا محيد عنه ولا يعلم متى ذلك إلا الله ، فمن زعم أنه يعلمه بحساب أو بشيء من علم الحرف أو بكشف أو بنحو ذلك فهو ضال مضل . انتهى
وقال ابن خلدون في المقدمة : فأما سر التناسب الذي بين هذه الحروف وأمزجة الطبائع أو بين الحروف والأعداد فأمر عسير على الفهم ، إذ ليس من قبيل العلوم والقياسات وإنما مستندهم فيه الذوق والكشف
وأما نسبته إلى من ذكرت من انشغالهم بهذه العلوم فنقول : أما المبتدعة والطرقية كالشاذلي وابن عربي فلا يعتد باختياراتهم إن ثبتت وقد كفّر العلماء ابن عربي ، وانظر ( تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي ) لبرهان الدين البقاعي
وأما اليافعي والسبتي فلم نقف على قولهم في علم الحرف والأوفاق ، وأما الحافظ السيوطي فعلى العكس مما ذكرت فقد نص على تحريم علم الحرف - كما في الأشباه والنظائر حيث قال : العلوم تنقسم إلى ستة أقسام ، أحدها فرض كفاية .. ثم ذكر الرابع فقال : حرام كالفلسفة والشعبذة والتنجيم والرمل .. إلى أن قال : ومن هذا القسم علم الحرف ، صرح به الذهبي وغيره
هذا واعلم أن الحافظ السيوطي لكثرة مصنفاته فإنه كثيراً ما يفترى عليه وتنسب إليه كتب لم يصنفها ليروجها واضعوها على الناس
وأما الامام الغزالي رحمه الله تعالى فلم يثبت لنا أن الرجل انشغل بعلم الحرف وجوز الاشتغال به ، إلا أن يكون ذلك في كتابه ( كيمياء السعادة ) أو كتاب ( المضنون به على غير أهله )
قال الذهبي : فأما كتاب المضنون به على غير أهله فمعاذ الله أن يكون له ، شاهدت على نسخة به بخط القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله الشهزوري أنه موضوع على الغزالي ، وأنه مخترع من كتاب مقاصد الفلاسفة وقد نقضه الرجل بكتاب التهافت
وقال الذهبي أيضاً : ومما نقم عليه ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب كيمياء السعادة والعلوم وشرح بعض الصور والمسائل بحيث لا توافق مراسم الشرع وظواهر ما عليه قواعد الملة ، وكان الأولى به - والحق أحق ما يقال - ترك ذلك التصنيف والاعراض عن الشرح له
ثم اعلم أن استدلالك على صحة شيء أو جوازه بفعل بعض الناس له طريقة باطلة في الاستدلال ، قال علي بن أبي طالب : الحق لا يعرف بالرجال ، اعرف الحق تعرف أهله
وأخيراً عليك بالعلم الذي ينفعك في الآخرة ، وتأمل قول الامام الذهبي : نسأل الله علماً نافعاً ، تدري ما العلم النافع ؟ هو ما نزل به القرآن وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً ، قال عليه السلام : من رغب عن سنتي فليس مني
فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله وبإدمان النظر في الصحيحين وسنن النسائي ورياض النووي وأذكاره ، تفلح وتنجح ، وإياك وآراء عباد الفلاسفة ووظائف أهل الرياضات وجوع الرهبان وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات ، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة فواغوثاه يا الله ، اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم
والله أعلم
( مركز الفتوى )
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى