الزبرقان
صفحة 1 من اصل 1
الزبرقان
من هو الزبرقان ؟
هو الزِّبرِقان بن بدر بن امرىء القيس التيمي السعدي ، وقيل : التميميّ ، وقيل : إن اسمه الحصين بن بدر ، وإنما سمي الزّبرقان لحُسْنه ، شبِّه بالقمر ، لأن القمر يقال له الزّبرقان
قال الأصمعيّ : الزِّبرقان القمر ، والزَّبرقان الرجل الخفيف اللّحية ، وقد قيل : إن اسمه القمر بن بدر ، وقيل : بل سُمّي الزّبرقان لأنه لبس عمامةً مزبرقة بالزعفران ، والله أعلم
أخرجه أبو عمر ، وذكره أبو موسى إلا أنه أسقط من نسبه امرئ القيس ، والصواب إثباته
ويكنى أبا عَيّاش ، وقيل : أبا شَذْرَة ، وقيل : أَبا سدرة ، وكان يقال للزبرقان : قَمَرُ نجد لجماله ، وكان ممن يدخل مكة متعمماً لحسنه ، وكان ينزل أرض بني تميم ببادية البصرة ، وكان ينزل البصرة كثيراً
ووفد على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في وفد بني تميم ، وكان أحدَ ساداتهم ، ومنهم : قيس بن عاصم المِنْقَري وعمرو بن الأهتم وعطارد بن حاجب وغيرهم ، فأسلموا وأجازهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم ، وذلك سنة تسع ، وسأل النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم عَمْرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر ، فقال : مطاع في أدْنَية شديد العارضة مانع لما وراء ظهره ؛ قال الزبرقان : واللّه لقد قال ما قال وهو يعلم أني أفضل مما قال ، قال عمرو: إنك لزَمِرُ المروءة ضيق العَطَن أحمق الأب لئيم الخال ، ثم قال: يا رسول الله لقد صدقتُ فيهما جميعاً ، أرضانى فقلت بأحسن ما أعلم فيه ، وأسخطني فقلت بأسوأ ما أعلم فيه ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحرَاً
وَذكر أبو عمر أن وفْد بني تميم أتَوْا بخطيبهم وشاعرهم ونادَوْا من وراءِ الحجُرات أَن اخْرُج إلينا يا محمّد ، فأنزل الله فيهم { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُم } [الحُجْرات: 4، 5] الآية
وكانت حجراته صلّى الله عليه وآله وسلّم تسعاً ، كلُّها من شعر مغلقة من خشب العَرْعَر ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إليهم وخطب خطيبُهم مُفتخراً ، فلما سكت أمرَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثابت بن قيس بن شماس أنْ يخْطُبَ بمعنى ما خطب به خطيبُهم ، فخطب ثابت بن قيس فأحسن ، ثم قام شاعرهم وهو الزّبرقان بن بدر فقال :
نَحْنُ الـمُلوكُ فَلَا حَيٌّ يُقَارِبُنَا *** فِينَا العَلَاءُ وَفِينَا تُنْصَبُ البيعُ
وَنَحْنُ نُطْعِمُهُمْ فِي القَحْطِ مَا أَكَلُوا *** مِن العَبِيطِ إِذَا لَمْ يُؤْنَسِ القَزَعُ
وَنَنْحَرُ الكُومَ عُبْطًا فِي أَرُومَتِنَا *** للِنَّازِلِينَ إِذَا مَا أُنْزِلُوا شَبِعُوا
تِلْكَ المَكَارِمُ حُزْنَاهَا مُقَارَعَةً *** إِذَا الكِرَمُ عَلَى أَمْثَالِهَا اقْتَرَعُوا
ثم جلس ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لحسّان بن ثابت قم ، فقام وقال :
إِنَّ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرٍ وَإِخْوَتَهُمْ *** قَدْ بَيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ
يَرْضَى بِهَا كُلُّ مَنْ كَانَتْ سَرِيرَتُهُ *** تَقْوَى الإِلَهِ وَبِالأَمْرِ الَّذِي شَرَعُوا
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا ضَرُّوا عَدُوَّهُمُ *** أَوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ فِي أَشْيَاعِهِمْ نَفَعُوا
سَجِيَّةٌ تِلْكَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُحْدَثَةٍ *** إِنَّ الخَلَائِقَ فَاعْلَمْ شَرُّهَا البِدَعُ
لَوْ كَانَ فِي النَّاسِ سَبَّاقُونَ بَعْدَهُمُ *** فَكُلُّ سَبْقٍ لأدنَى سَبْقِهِمْ
لَا يَرْقَعُ النَّاسُ مَا أَوْهَتْ أَكُفُّهُمُ *** عِنْدَ الدِّفَاعِ وَلَا يُوهُونَ مَا رَقَعُوا
وَلَا يَضِنُّونَ عَنْ جَارٍ بِفَضْلِهِمُ *** وَلَا يَمَسُّهُمُ فِي مَطْمَعٍ طَبَعُ
أَعِفُّةٌ ذُكِرَتْ لِلنَّاسِ عِفَّتُهُمْ *** لَا يَبْخَلُونَ وَلَا يُرْدِيهُمُ طَمَعُ
خُذْ مِنْهُمُ مَا أَتَوْا عَفْواً إِذَا عَطَفُوا *** وَلَا يَكُنْ هَمُّكَ الأَمْرَ الَّذِي مَنَعُوا
فَإِنَّ فِي حَرْبِهِمْ فَاتْرُكْ عَدَاوَتَهُمْ *** شَرَّاً يُخَاضُ إِلَيْهِ الصَّابُ وَالسَّلُعُ
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ شِيْعَتُهُمْ *** إِذَا تَفَرَّقَتِ الأَهْوَاءُ وَالشِّيَعُ
فقال التميميون عند ذلك : وربِّكم إنّ خطيبَ القوم أخطَبُ من خطيبنا وإنَّ شاعرَهم أشعر من شاعرنا وما أنتصفنا ولا قاربْنَا
قال أبو عمر : وولَّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقاتِ قومه فأدّاها في الردّة إلى أبي بكر فأقره ثم إلى عمر ؛ وأنشد له وَثيمة في الردّة في وَفائه بأداء الزكاة ، وتعرض قيس بن عاصم بأذواد الرسول :
وَفَيْت بِأَذوَادِ الرَّسُولِ وَقَدْ أَتَتْ *** سُعَاةٌ فَلَمْ يَرْدُدْ بَعِيرًا مخرفا
ويقول في أخرى :
مَنْ مُبْلِغٌ قَيْسًا وَخِنْدِفَ أَنَّهُ *** عَزْمُ الإِلَه لَنَا وَأَمْرُ مُحَمَّدِ
وله في ذلك قصةٌ مع قَيْس بن عاصم ذكرها أبو الفرج في ترجمة قَيْس ، وعاش الزِّبْرِقان إلى خلافة معاوية ، وذكره المُرَادِيُّ فيمن عمي من الأشراف ، وذكر الجاحظ في كتاب "البيان" : أن الزبرقان دخل على زياد وقد كفَّ بصره ، فسلّم خفيفاً ، فأدناه زياد وأجلسه معه وقال: يا أبا عبّاس إن القوم يضحكون مِن جفائك ، فقال: وإن ضحكوا والله إن رجلًا إلا يودّ أني أبوه لغيَّة أو لرشْدَة
وذكر الكَوْكَبِيّ : أنه وفد على عبد الملك ، وقاد إليه خمسة وعشرين فرساً ونسب كل فرس إلى آبائه وأمهاته ، وحلف على كل فرس منها يمينًا غير التي حلف بها على غيرها ، فقال عبد الملك: عجبي من اختلاف أيمانه أشدُّ من عجبي بمعرفته بأنساب الخيل
وفي الزّبرقان يقول رجلٌ من النمر بن قاسط - وقيل : إنه الحطيئة والأول أصحّ - في كلمةٍ يمدحُ بها الزّبرقان وأهلَه :
تَقُولُ حَلِيلَتي لَمَّا الْتَقَيْنَا *** سَتُدْرِكُنَـا بَنُو القِرْمِ الهِجَانِ
سَيُدْرِكُنَا بَنُو القَمَرِ بْنِ بَدْرِ *** سِـرَاجُ اللَّيلِ لِلشَّمْسِ الحَصَانِ
فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُوَ إِنَّ أَنْدَى *** لِصَـوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ
فَمَنْ يَكُ سَائِلًا عَنِّي فَإِنِّي *** أَنَا النمِريُّ جارُ الزَّبْرَقَانِ
وفي إقبال الزّبرقان إِلى عُمر بصدقات قومه لقيه الحطيئة وهو سائرٌ ببنيه وأهله إلى العراق فراراً من السَّنَةِ وطلباً للعيش ، فأمره الزَّبرقان أَن يقصد داره ، وأعطاه أمارة يكونُ بها ضيفاً له حتى يلحق به ، ففعل الحطيئة، ثم هجاه بعد ذلك بقوله :
دَعِ المَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لبُغْيَتَهَا *** وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي
فشكاه الزبرقان إلى عمر ، فسأَل عمر حسّان بن ثابت عن قوله هذا ، فقضى أنه هَجْوٌ له وضعة منه ، فأَلقاه عمر بن الخطّاب لذلك في مطمورة حتى شفَع له عبدُ الرَّحمن بن عوف والزَّبير ، فأطلقه بعد أن أخذ عليه العهد وأوعده ألّا يعود لهجاء أحدٍ أبداً ، وقصتُه هذه مشهورةٌ عند أهل الأخبار ورُواة الأشعار
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى