يهدي من يشاء ويضل من يشاء
صفحة 1 من اصل 1
يهدي من يشاء ويضل من يشاء
إن كان الله تعالى هو الذي يهدي ويضل فما ذنب من لم يهده الله ؟
نتذكر أولاً أن الله سبحانه وتعالى لا يظلم من عباده أحداً ، يقول تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} (46) سورة فصلت
وقال الرسول صلي الله علية وسلم، فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى ، أنه قال : ( يا عبادي : إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعـلته بيـنكم محرماً ؛ فلا تـظـالـمـوا ... )
قسم العلماء الهداية إلى نوعين :
القسم الأول : هداية دليل وإرشاد
بمعنى أن الله تعالى يبين الطرق ويدل عليه وعلى الإنسان الاختيار بين أن يقبل أو يرفض ، {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى .... } فصلت 17
تفسير ابن كثير وفي الطبري والقرطبي : " وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَأَمَّا ثَمُود فَهَدَيْنَاهُمْ ": بَيَّنَّا لَهُمْ " مما يعني أن الهداية هي بيان وإرشاد للحق ، { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ } محمد 25
القسم الثاني : هداية زيادة وفضل ومعونة
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} محمد 17 ، فالله تعالى يبين الطريق إلى صراطه المستقيم ، ومن يأخذ بهداية الدلالة يزده الله بهداية المعونة والزيادة
والاختيار بينهما أن يسلك الإنسان طريق الخير أو الشر بيد الإنسان كما جاء في الآيات الكريمة : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ } يونس 108
كتب الشيخ محمد الغزالي في كتابه عقيدة المسلم : " نحن نجد أن إطلاق المشيئة في آية تقيده آية أخرى يذكر فيها الاختيار الإنساني صريحاً "
أي أن إضلال الله لشخص معناه : إن هذا الشخص آثر الغي على الرشاد ، فأقره الله على مراده وتمم له ما ينبغي لنفسه .. { .. فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } الصف 5
وانظر إلى قيمة التنويه بالاتجاه البشري المعتاد ، { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا } النساء 115
فهل بقى غموض في إطلاق المشيئة ؟ ... لا ، إن معنى قوله { يُضِلُّ مَن يَشَاء } لا يعدو قوله : {.... وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }البقرة 26-27
وكذلك الحال في { َيَهْدِي من يشاء }
انظر إلى قيمة الإرادة الإنسانية في قول الحق وهو يتكلم عن إرادته : { قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد 27-28 ، فهو سبحانه يهدي إليه من أناب
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى