التمذهب والتنقل بين المذاهب
صفحة 1 من اصل 1
التمذهب والتنقل بين المذاهب
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا :
ما حكم التمذهب بأحد المذاهب الأربعة ؟
وهل يجوز الخروج عن المذهب ؟
وما هي الكتب المعتمدة والمتون بالترتيب للمذهب الحنبلي وجزيتم خيرا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فالتمذهب بأحد المذاهب الأربعة جائز بشرط عدم التعصب ، فإذا وضح لمتبع المذهب الدليل في خلاف المذهب تعين عليه المصير إلى الدليل
وقد بين العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ هذا المعنى فقال ما عبارته : التمذهب بمذهب من المذاهب الأَربعة سائغ ، بل هو بالإِجماع ، أَو كالاجماع ولا محذور فيه كالانتساب إِلى أَحد الأَربعة فإِنهم أَئمة بالإِجماع ، والناس في هذا طرفان ووسط : قوم لا يرون التمذهب بمذهب مطلقاً ، وهذا غلط ، وقوم جمدوا على المذاهب ولا التفتوا إلى بحث ، وقوم رأَوا أَن التمذهب سائغ لا محذور فيه ، فما رجح الدليل مع أَي أَحد من الأَربعة أَو غيرهم أَخذوا به
انتهى
وفيه الجواب الواضح عن سؤالك عن حكم التمذهب وحكم الخروج على المذهب
وأما كتب الحنابلة فهي كثيرة منتشرة ومن أراد معرفة المذهب الحنبلي فإنه يبدأ بمتن محرر كالعمدة للموفق أو متن دليل الطالب وهو من أحسنها ترتيبا ، أو متن زاد المستقنع وهو أكثر مسائل من الدليل
ومما ننصح به من أراد فهم المذهب أن يعنى بكتاب الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فإنه حل ألفاظ الزاد ووضح مسائله بأسلوب عصري قريب من الأفهام بعيد عن الاستغلاق والغموض فرحمه الله رحمة واسعة
فإذا ضبط الطالب متنا من هذه المتون ضبطا حسنا انتقل بعد ذلك إلى ما هو أكبر كالروض المربع ثم كشاف القناع ونحوه من المصنفات
فإن ضبط الراجح في المذهب وأراد معرفة الروايات والوجوه في المذهب فليقرأ الكافي للموفق ثم الإنصاف للمرداوي والفروع لابن مفلح ـ رحمهم الله ـ
ونوصيك إن كنت معنيا بالمذهب الحنبلي بمطالعة المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد بن حنبل للعلامة بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ أو قراءة المدخل لابن بدران
والله أعلم
( مركز الفتوى )
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
رد: التمذهب والتنقل بين المذاهب
هل يجب على كل مسلم أن يتبع أحد المذاهب (المالكي أو الحنفي أو الحنبلي أو الشافعي) ؟
إذا كان الجواب نعم فما أفضل مذهب ؟
هل صحيح أن مذهب أبي حنيفة هو أكثر مذهب منتشر بين المسلمين ؟
الحمد لله
لا يجب على المسلم اتباع مذهب بعينه من هذه المذاهب الأربعة ، والناس متفاوتون في المدارك والفهوم والقدرة على استنباط الأحكام من أدلتها ، فمنهم من يجوز في حقه التقليد ، بل قد يجب عليه ، ومنهم من لا يسعه إلا الأخذ بالدليل
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بيان كاف شاف لهذه المسألة ، يحسن أن نذكره هنا بنصه :
السؤال :
ما حكم التقيد بالمذاهب الأربعة واتباع أقوالهم على كل الأحوال والزمان ؟
فأجابت اللجنة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد :
أولا : المذاهب الأربعة منسوبة إلى الأئمة الأربعة الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد ، فمذهب الحنفية منسوب إلى أبي حنيفة وهكذا بقية المذاهب
ثانيا : هؤلاء الأئمة أخذوا الفقه من الكتاب والسنة وهم مجتهدون في ذلك ، والمجتهد إما مصيب فله أجران ، أجر اجتهاده وأجر إصابته ، وإما مخطئ فيؤجر على اجتهاده ويعذر في خطئه
ثالثا : القادر على الاستنباط من الكتاب والسنة يأخذ منهما كما أخذ من قبله ولا يسوغ له التقليد فيما يعتقد الحق بخلافه ، بل يأخذ بما يعتقد أنه حق ، ويجوز له التقليد فيما عجز عنه واحتاج إليه
رابعا : من لا قدرة له على الاستنباط يجوز له أن يقلد من تطمئن نفسه إلى تقليده ، وإذا حصل في نفسه عدم الاطمئنان سأل حتى يحصل عنده اطمئنان
خامسا : يتبين مما تقدم أنه لا تتبع أقوالهم على كل الأحوال والأزمان ؛ لأنهم قد يخطئون ، بل يتبع الحق من أقوالهم الذي قام عليه الدليل )
فتاوى اللجنة 5/28
وجاء في فتوى اللجنة رقم 3323
( من كان أهلا لاستنباط الأحكام من الكتاب والسنة ، ويقوى على ذلك ولو بمعونة الثروة الفقهية التي ورثناها عن السابقين من علماء الإسلام كان له ذلك ؛ ليعمل به في نفسه ، وليفصل به في الخصومات وليفتي به من يستفتيه . ومن لم يكن أهلا لذلك فعليه أن يسأل الأمناء الموثوق بهم ليتعرف الحكم من كتبهم ويعمل به من غير أن يتقيد في سؤاله أو قراءته بعالم من علماء المذاهب الأربعة ، وإنما رجع الناس للأربعة لشهرتهم وضبط كتبهم وانتشارها وتيسرها لهم
ومن قال بوجوب التقليد على المتعلمين مطلقاً فهو مخطئ جامد سيئ الظن بالمتعلمين عموما ، وقد ضيق واسعا
ومن قال بحصر التقليد في المذاهب الأربعة المشهورة فهو مخطئ أيضا قد ضيق واسعا بغير دليل . ولا فرق بالنسبة للأمي بين فقيه من الأئمة الأربعة وغيرهم كالليث بن سعد والأوزاعي ونحوهما من الفقهاء )
فتاوى اللجنة 5/41
وجاء في الفتوى رقم 1591 ما نصه :
( ولم يدعُ أحد منهم إلى مذهبه ، ولم يتعصب له ، ولم يُلزِم غيره العمل به أو بمذهب معين ، إنما كانوا يدعون إلى العمل بالكتاب والسنة ، ويشرحون نصوص الدين ، ويبينون قواعده ويفرعون عليها ويفتون فيما يسألون عنه دون أن يلزموا أحدا من تلاميذهم أو غيرهم بآرائهم ، بل يعيبون على من فعل ذلك ، ويأمرون أن يضرب برأيهم عرض الحائط إذا خالف الحديث الصحيح ، ويقول قائلهم " إذا صح الحديث فهو مذهبي " رحمهم الله جميعا
ولا يجب على أحد اتباع مذهب بعينه من هذه المذاهب ، بل عليه أن يجتهد في معرفة الحق إن أمكنه ، أو يستعين في ذلك بالله ثم بالثروة العلمية التي خلفها السابقون من علماء المسلمين لمن بعدهم ، ويسروا لهم بها طريق فهم النصوص وتطبيقها . ومن لم يمكنه استنباط الأحكام من النصوص ونحوها لأمر عاقه عن ذلك سأل أهل العلم الموثوق بهم عما يحتاجه من أحكام الشريعة لقوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وعليه أن يتحرى في سؤاله من يثق به من المشهورين بالعلم والفضل والتقوى والصلاح )
فتاوى اللجنة الدائمة 5/56
ومذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله قد يكون أكثر المذاهب انتشاراً بين المسلمين ، ولعل من أسباب ذلك تبني الخلفاء العثمانيين لهذا المذهب ، وقد حكموا البلاد الإسلامية أكثر من ستة قرون ، ولا يعني ذلك أن مذهب أبي حنيفة رحمه الله هو أصح المذاهب أو أن كل ما فيه من اجتهادات فهو صواب ، بل هو كغيره من المذاهب فيه الصواب والخطأ ، والواجب على المؤمن اتباع الحق والصواب بقطع النظر عن قائله
والله أعلم
( الاسلام سؤال وجواب )
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
رد: التمذهب والتنقل بين المذاهب
هل يجوز لمن كان يلتزم مذهباً معيناً في عباداته أن يعدل عنه ويتمسك بمذهب آخر متى شاء ؟
أم أنه يلزم المسلم أن يتمسك بمذهب واحد حتى الممات ؟
وهل بين المذاهب الأربعة فرق في كيفية أداء الصلوات أم لا ؟
وما هي كيفية الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
قضية التمذهب بمذهب هذه فيها تفصيل : الإنسان الذي عنده الاستطاعة لمعرفة الحكم من الأدلة واستنباط الحكم من الأدلة هذا لا يجوز له التمذهب بمذهب بل عليه أن يأخذ الحكم من الدليل إذا كان عنده الاستطاعة والمقدرة على ذلك ، ولكن هذا نادر في الناس لأن هذا منصب المجتهدين من أهل العلم الذين بلغوا رتبة الاجتهاد ، أما من لم يكن كذلك لا يستطيع أخذ الأحكام من الأدلة ، وهذا هو الكثير والغالب على أحوال الناس لاسيما في هذه الأزمان المتأخرة ، فإن هذا لا حرج عليه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة وأن يقلد أحد المذاهب الأربعة ، لكن ليس تقليداً أعمى بأن يأخذ كل ما في المذهب من خطأ وصواب ، بل عليه أن يأخذ من المذهب ما لم يتضح أنه مخالف للدليل ، أما إذا اتضح أن هذا القول في المذهب مخالف للدليل فلا يجوز للمسلم أن يأخذ به ، بل عليه أن يأخذ ما قام عليه الدليل ولو من مذهب آخر ، فترك المذهب إلى مذهب آخر هذا إن كان طلباً للدليل لمن يحسن ذلك فهذا أمر طيب ، بل هذا الواجب لأن اتباع الدليل هو الواجب
أما إذا كان الأخذ بمذهب في بعض الأحيان وبمذهب آخر في الحين الآخر ، وهكذا ينتقل الإنسان من باب التشهي ومن باب طلب الرخص ، فهذا لا يجوز يعني ما وافق هواه من أقوال أهل العلم أخذ به ولو كان خلاف الدليل ، وما خالف هواه تركه ولو كان هو الذي يدل عليه الدليل هذا متبع لهواه والعياذ بالله ، فالتنقل من مذهب إلى مذهب بدافع التشهي وطلب الأسهل والرخص هذا لا يجوز ، أما الانتقال من مذهب إلى مذهب طلباً للدليل وفراراً من القول الذي لا دليل عليه أو القول الخاطئ فهذا أمر مرغوب ومطلوب من المسلم
والله تعالى أعلم
وأما قضية الخلاف بين المذاهب الأربعة في الصلاة ، فالمذاهب الأربعة - والحمد لله - متفقة على كثير من أحكام الصلاة في الجملة ، وإنما الخلاف في بعض الجزئيات في الصلاة ، فالخلاف إنما هو في جزئيات من الصلاة ، منهم من يراها مثلاً مشروعة ومنهم من لا يراها مشروعة ، ومنهم من يراها واجبة ومنهم من يراها مستحبة وهكذا ، فالخلاف إنما هو في جزئيات في الصلاة أما أحكام الصلاة في الجملة فهذه لا خلاف فيها والحمد لله
وأما صفة الصلاة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه معلومة من سنته عليه الصلاة والسلام ، وهي محفوظة ومشروحة في كتب السنة فعلى السائل وغيره من المسلمين أن يراجعوا ذلك ، لاسيما الرجوع إلى كتاب "زاد المعاد" لابن القيم فإنه تحرى بيان الصفة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها وشرحها من أول الصلاة إلى آخرها ، وكذلك في رسالته المسماة "الصلاة" فإنه عقد باباً لبيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها حتى كأنك تشاهده عليه الصلاة والسلام ، فعلى المسلم أن يرجع إلى هذه الكتب
( طريق الاسلام )
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
رد: التمذهب والتنقل بين المذاهب
السؤال طويل
والاجابة تغني عن ذكره
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فينبغي للمسلم أن يكون مقتديا بالنبي صلى الله عليه وسلم في سائرعبادته وفي كيفية الوضوء المنقولة في السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم
ولا حرج على العامي في اتباع مذهب من المذاهب المتبعة ، وإن توضأ طبقا لمذهب معين ثم عمل في وضوئه أمرا مخالفا لذلك المذهب لكنه صحيح في أحد المذاهب المعتبرة الأخرى فهذا هو التقليد الملفق ، كمن توضأ مثلا ومسح شعرات من رأسه مقلدا للشافعي ، ثم لمس ذكره بيده مقلدا لأبي حنيفة فهو غير جائز لدى الكثير من أهل العلم ، وهذا هو الأحوط لا سيما إن كان الغرض منه تتبع الرخص
وقد أجاز بعض أهل العلم هذا النوع من التلفيق ولكن الأحوط تركه كما قدمنا ، ففي مطالب أولي النهى على شرح غاية المنتهى في الفقه الحنبلي : اعلم أنه قد ذهب كثير من العلماء إلى منع جواز التقليد حيث أدى إلى التلفيق من كل مذهب ، لأنه حينئذ كل من المذهبين أو المذاهب يرى البطلان كمن توضأ مثلا ومسح شعرة من رأسه مقلدا للشافعي ثم لمس ذكره بيده مقلدا لأبي حنيفة فلا يصح التقليد حينئذ ، وكذا لو مسح شعرة وترك القراءة خلف الإمام مقلدا للأئمة الثلاثة أو افتصد مخالفا للأئمة الثلاثة ولم يقرأ مقلدا لهم ، وهذا وإن كان ظاهرا من حيث العقل والتعليل فيه واضح لكنه فيه حرج ومشقة خصوصا على العوام الذي نص العلماء على أنه ليس لهم مذهب معين ، وقد قال غير واحد : لا يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب معين كما لم يلزم في عصر أوائل الأمة ، والذي أذهب إليه وأختاره القول بجواز التقليد في التلفيق لا بقصد تتبع ذلك ، لأن من تتبع الرخص فسق ، بل حيث وقع ذلك اتفاقا خصوصا من العوام الذين لا يسعهم غير ذلك ، فلو توضأ شخص ومسح جزءا من رأسه مقلدا للشافعي فوضوؤه صحيح بلا ريب ، فلو لمس ذكره بعد ذلك مقلدا لأبي حنيفة جاز ذلك ، لأن وضوء هذا المقلد صحيح ولمس الفرج غير ناقض عند أبي حنيفة فإذا قلده في عدم نقض ما هو صحيح عند الشافعي استمر الوضوء على حاله بتقليده لأبي حنيفة وهذا هو فائدة التقليد ، وحينئذ فلا يقال الشافعي يرى بطلان هذا الوضوء بسبب مس الفرج والحنفي يرى البطلان لعدم مسح ربع الرأس فأكثر ، لأنهما قضيتان منفصلتان ، لأن الوضوء قد تم صحيحا بتقليد الشافعي ويستمر صحيحا بعد اللمس بتقليد الحنفي ، فالتقليد لأبي حنيفة إنما هو في استمرار الصحة لا في ابتدائها وأبو حنيفة ممن يقول بصحة وضوء هذا المقلد قطعا فقد قلد أبا حنيفة فيما هو حاكم بصحته ، وكذا لو قلد العامي مالكا وأحمد في طهارة بول وروث ما يؤكل لحمه ، وكان قد ترك التدليك في وضوئه الواجب عند مالك أو مسح جميع الرأس مع الأذنين الواجب عند أحمد ، لأن الوضوء صحيح عند أبي حنيفة والشافعي والتقليد في ذلك صحيح ، والروث المذكور طاهر عند مالك وأحمد
انتهى
والله أعلم
( مركز الفتوى )
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى