فتاوى حول المذاهب الأربعة
صفحة 1 من اصل 1
فتاوى حول المذاهب الأربعة
ما هو تعريف كلمة مذهب ؟
ولماذا اختلفت المذاهب ولقد حرم البعض ما لم يحرم الآخر ؟
أليست سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام واحدة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذهب لغة : مكان الذهاب . واصطلاحاً : ما اختص به المجتهد من الأحكام الشرعية الفرعية الاجتهادية المستفادة من الأدلة الظنية . ذكر ذلك جمع من العلماء منهم : الحموي في شرحه على الأشباه والنظائر لابن نجيم. وقال الهيثمي في تحفة المحتاج : وأصله مكان الذهاب ، ثم استعير لما يذهب إليه من الأحكام تشبيها للمعقول بالمحسوس . انتهى
واعلم أخي أن اختلاف الأئمة المجتهدين رحمة من الله تعالى ، قال العلامة بدر الدين الزركشي في البحر المحيط 8/120 : اعلم أن الله تعالى لم ينصب على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة ؛ بل جعلها ظنية قصداً للتوسيع على المكلفين لئلا ينحصروا في مذهب واحد لقيام الدليل عليه . انتهى
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله عن اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين : اتفاقهم حجة قاطعة ، واختلافهم رحمة واسعة
وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك في الفتوى رقم: 4145، والفتوى رقم: 16387، ونزيد الأمر وضوحاً هنا ونقول إن الخلاف ينتج عن أسباب كثيرة منها :
1 - عدم بلوغ الحديث إلى بعض المجتهدين وبلوغه البعض الآخر . قال الإمام ابن القيم في الصواعق المرسلة 2/542 : فإن مجموع سنة رسول الله من أقواله وأفعاله وإقراره لا يوجد عند رجل واحد أبداً ، ولو كان أعلم أهل الأرض ، فإن قيل : فالسنة قد دونت وجمعت وضبطت وصار ما تفرق منها عند الفئة الكثيرة مجموعاً عند واحد ، قيل : هذه الدواوين المشهورة في السنن إنما جمعت بعد انقراض عصر الأئمة المتبوعين ، ومع هذا فلا يجوز أن يدعى انحصار سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دواوين معينة ، ثم لو فرض انحصار السنة في هذه الدواوين فليس كل ما فيها يعلمه العالم ، ولا يكاد يحصل ذلك لأحد أبداً ؛ بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط علماً بما فيها ، بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير لأن كثيراً مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو بإسناد منقطع أو لا يبلغنا بالكلية ، وكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين . انتهى
ومثل ذلك تماماً قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 20/293
2 - ومنها : أن الحديث قد يبلغ الأئمة ولكنهم يختلفون بعد ذلك في صحته لأمور ، منها : الاختلاف في بعض الرواة توثيقاً وتضعيفاً ، أو الاختلاف في شروط الصحة ، وهل يعتبر المرسل حجة أم لا ؟ وهل يعمل بالضعيف أم لا ؟ وقد يبلغ بعضهم الحديث بسند صحيح ويبلغ الآخر بسند ضعيف
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 20/240 وهو يتكلم عن أسباب الخلاف : السبب الثالث : اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره . انتهى
وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة 2/556 : فقد يعتقد أحد المجتهدين ضعف رجل ويعتقد الآخر ثقته وقوته، وقد يكون الصواب مع المضعف لاطلاعه على سبب خفي على الموثق ، وقد يكون الصواب مع الآخر لعلمه بأن ذلك السبب غير قادح في روايته وعدالته..... انتهى
3 - ثم إن بلغ الجميع واتفقوا على صحته فقد يختلفون في فهمه أو ضبطه من حيث اللغة فكم من الأحكام تختلف بناء على رفع كلمة أو خفضها ، وهل ذلك الحديث أو تلك الآية منسوخة أم محكمة ؟ وهل دلالة الآية أو الحديث عامة باقية على عمومها أم هي مخصوصة ؟ وهل هي مطلقة أم مقيدة ؟ وهل المراد بها الحقيقة أو المجاز ؟ أو يكون اللفظ في عرف الشرع له معنيان فيحمله عالم على معنى ويحمله الآخر على المعنى الآخر
ومن أسباب الاختلاف : اشتراط بعضهم في خبر الواحد شروطاً لا يشترطها غيره . قال الإمام ابن القيم في الصواعق المرسلة 2/559 : السبب الرابع : اشتراط بعضهم في خبر الواحد العدل شروطاً يخالفه فيها غيره ، كاشتراط بعضهم أن يكون فقيها إذا خالف ما رواه القياس ، واشتراط بعضهم انتشار الحديث وظهوره إذا كان مما تعم به البلوى... انتهى
وللإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رسالة لطيفة بعنوان : (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) وضح فيها هذه المسألة خير توضيح .. فمن أراد الوقوف على الأمر على وجه التفصيل فليرجع إليها
والله أعلم
لماذا توجد هناك أربعة مذاهب؟
هل يمكنكم أن تعطوني بعض الأسماء لكتب تحكي قصة الخلفاء الراشدين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمذاهب الفقهية الإسلامية لا تنحصر في أربعة مذاهب ، فهناك مذاهب أخرى غيرها كمذهب الإمام الثوري ومذهب الإمام الأوزاعي ومذهب الإمام الطبري ومذهب الإمام الليث بن سعد وغير ذلك من مذاهب الأئمة ، ولكن المذاهب الأربعة المشهورة نالت قدراً عظيماً من التحقيق والعناية ، وتواترت جماهير علماء الأمة على تنقيحها ودراستها ، بخلاف غيرها من المذاهب التي لم تلق هذه العناية ، وهذه المذاهب الأربعة وغيرها هي مذاهب اجتهادية في مسائل الشريعة الفرعية ، وهي جميعها لا تختلف في أصول الدين ، وإنما الخلاف بينها محصور في دائرة الأدلة الظنية ، التي تخلتف فيها أنظار العلماء
وأما الكتب التي تتحدث عن سير الخلفاء الراشدين فهي كثيرة ، نذكر منها مقدمة سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، صفة الصفوة لابن الجوزي ، وغيرها كثير
والله أعلم
لماذا اشتهر الأئمة الأربعة دون سواهم من العلماء ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذلك فضل الله يختص به من يشاء من عباده ، وكان من عوامل اشتهار الأئمة الأربعة وكثرة أتباعهم واشتهار مذاهبهم ، أنها حفظت ودونت ، قال الإمام بدر الدين الزركشي في البحر المحيط 8/375 : الناس كانوا قبل الأئمة الأربعة لم يدونوا مذاهبهم ، ولا كثرت الوقائع عليهم .اهـ
وبيَّن ابن حجر الهيتمي - رحمه الله - في الفتاوى الفقهية الكبرى سبب تقليد الناس للمذاهب الأربعة فقال : 4/308 : لأن مذاهبهم انتشرت حتى ظهر تقييد مطلقها وتخصيص عامها بخلاف غيرهم ، ففيه فتاوى مجردة لعل لها مكملاً أو مقيداً لو انبسط كلامه فيه لظهر خلاف ما يبدو منه . اهـ
وقد أراد الله تعالى لهذه المذاهب أن تحفظ أصولاً وفروعاً وقواعد ، قال الإمام ابن رجب الحنبلي في رده على من اتبع غير المذاهب الأربعة : فاقتضت حكمة الله سبحانه أن ضبط الدين وحفظه ، بأن نصب للناس أئمة مجتمعاً على علمهم ودرايتهم ، وبلوغهم الغاية المقصودة في مرتبة العلم بالأحكام والفتوى من أهل الرأي والحديث . فصار الناس كلهم يعوِّلون في الفتاوى عليهم ، ويرجعون في معرفة الأحكام إليهم . وأقام الله من يضبط مذاهبهم ويحرر قواعدهم ، حتى ضبط مذهب كل إمام منهم وأصوله وقواعده وفصوله ، حتى ترد إلى ذلك الأحكام ويضبط الكلام في مسائل الحلال والحرام ، وكان ذلك من لطف الله بعباده المؤمنين ، ومن جملة عوائده الحسنة في حفظ هذا الدين. اهـ
والله أعلم
عندما نسأل عن حكم من الأحكام يكون الرد قال الشافعي وقال أحمد بن حنبل وقال مالك وقال أبو حنيفة وفي النهاية نخرج بأربعة أحكام لا ندري أيها نتبع فماذا نفعل ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا شك فيه عند المسلمين أن الدين دين الله والشرع شرعه ، ولا راد لحكمه ولا معقب لأمره ، حكمه عدل وقوله فصل ، ومن حاد عن دين الله وحكم بغير شرعه فقد دخل في قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [ المائدة:44] ، وشرع الله صالح لكل زمان ومكان ، وما ذلك إلا لأنه اشتمل على مقومات الاستمرار وعوامل الديمومة ؛ ومنها صفة الثبات والمرونة ، فهو ثابت في أصوله مرن في فروعه ، قال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) [الأنعام:38]
والناظر من المجتهدين يجد حقيقة جلية وهي أن أحكام الشرع تنتظمها دائرتان ، دائرة القطعيات وهي محل اتفاق وإجماع ، ويندرج تحتها ما لاحصر له من المسائل الحادثة ، ودائرة الظنيات ( الفروع ) : وهذه دائرة المرونة ، وفيها يختلف أهل العلم وتتباين أنظارهم بحسب مداركهم من الشرع وسعة علومهم وما رزقهم الله تعالى من الأفهام
والحكمة من هذا الاختلاف تظهر جلية واضحة لكل ذي بصيرة ، وهي أن الله أراد بهذا الاختلاف التوسيع على عباده ، فإذا ضاق الأمر بهم في قول عالم في زمن من الأزمان أخذوا بقول آخر ، ولو أراد الله أن تكون نصوص الكتاب والسنة لا تحتمل إلا وجهاً واحداً لا اختلاف فيه ما أعجزه ذلك ، ولكنه أراد من ذلك الخلاف حِكَمَاً يعلمها سبحانه، وقد ذكر الإمام ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله أن عمر بن عبد العزيز و القاسم بن محمد اجتمعا فجعلا يتذاكران الحديث فجعل عمر يجيء بالشيء مخالفاً فيه القاسم وجعل ذلك يشق على القاسم حتى تبين فيه ! فقال له عمر : لا تفعل ، فما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم . اهـ
ونظراً لاختلاف أحوال السائلين التي قد تضطر المفتي إلى ذكر أقوال أهل العلم رغبة في الوصول إلى مقصد الشريعة العظيم وهو إخراج المكلفين من الضيق والحرج الذي قد يلحقهم إن أفتاهم بقول واحد نظرا لكل ذلك ساغ ذكر الخلاف ، ولذا نص بعض أهل العلم على أن للمفتي تخيير من استفتاه بين قوله وقول غيره ، وممن نص على ذلك الإمام البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الإرادات ، وذكره عن جماعة . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل ، ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس باتباعه ... ولهذا لما استشار الرشيد مالكاً أن يحمل الناس على موطئه في مثل هذه المسائل منعه من ذلك وقال : إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار ، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم
وصنف رجل كتاباً في الاختلاف فقال أحمد : لا تسمه كتاب الاختلاف ؛ ولكن سمه كتاب السعة . ولهذا كان بعض العلماء يقول : إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة .... لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً ، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة ، وكذلك قال غير مالك من الأئمة : ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه . ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره ، إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد ، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها ، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية ، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه ، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه . انتهى
ومن الأسباب التي تدعو المفتي إلى ذكر الأقوال أنه قد لا يتبين له رجحان أحد القولين لتكافؤ الأدلة - مثلاً - وهذا المنهج في الفتوى معمول به عند سلفنا من العلماء ، ومن نظر في كتب الفتاوى كفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام النووي و السبكي و الرملي وصاحب المعيار وصاحب النوازل وغيرهم علم حقيقة ما قلناه . ومع ذلك فإنا نسعى جاهدين ، أن نبحث المسألة من كل جوانبها معملين النظر في الأدلة والدلالات مهتدين بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز فَهْمَ خير القرون وسلف هذه الأمة ، دون إغفال لمقاصد الشريعة
والله نسأل التوفيق والسداد
والله أعلم
سمعت بأن بعض أهل السنة والجماعة يعتبرون المذاهب بدعة لعدم وجودها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين
ماهو الحكم الشرعي حول التمذهب ؟ فبعض الناس يتعصب لمذهب معين ويرفض الدليل حتى وإن كان قطعياً إذا ما تعارض مع مسألة ما في مذهبه
ألا ترون أنه أصح إسلامياً أن تلغى هذه المذاهب ويتحد المسلمون تحت اسم أهل السنة والجماعة ، الفئة الناجية الوحيدة . ويقفون مع الحق لا يضرهم من خالفهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذاهب الأربعة المشهورة هي محصلة آراء واجتهادات الأئمة : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد. وهؤلاء الأئمة من أعلام أهل السنة والجماعة ، ووجودهم امتداد لما كان عليه الصحابة من الاجتهاد في العلم والتدريس له . وقد كان بين الصحابة مجتهدون وعلماء ، وكان بينهم من الخلاف في مسائل الاجتهاد كما بين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد
والأئمة الأربعة المذكورون لم يلزموا غيرهم بتقليدهم في كل مسألة ، وإنما ذكروا اختيارهم وترجيحهم ، ودعوا الناس إلى الأخذ بالحق متى وجد في غير أقوالهم . وصدرت عنهم المقولة المشهورة : إذا صح الحديث فهو مذهبي . وإذا رأيتم قولاً للنبي صلى الله عليه وسلم يخالف قولي فاضربوا بقولي عرض الحائط
وقد كان في عصر هؤلاء الأئمة فقهاء ومجتهدون لا يقلون منزلة عنهم : كالليث والأوزاعي وسفيان وغيرهم ، ولكن الله تعالى كتب الانتشار والبقاء لمذاهب هؤلاء الأربعة بما هيأه - سبحانه - من وجود التلاميذ الذين دونوا مسائلهم وسجلوا آراءهم
وطالب العلم لا يستغني عن الرجوع إلى ما كتبه هؤلاء الأئمة وغيرهم من أهل الاجتهاد والسبق ، بل هذا هو الطريق الصحيح لمعرفة الفقه ، أن يتعلمه الدارس وفق ما دونه أهل مذهب من هذه المذاهب ، دون تعصب لها ، ولا اعتقاد أنه ملزم باتباعها في كل مسألة ، فإنه لا أحد يتعين على الناس اتباعه في كل ما يقول غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
ومن هنا يعلم أن الدعوة إلى إلغاء هذه المذاهب خطأ واضح ، وكذلك التعصب لها بالباطل ، وتقديم آرائها على الدليل الصحيح المعتبر
والله أعلم
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى