حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت
السؤال الأول : لقد سمعت من مدةٍ فتوى تقول : إن قراءة القرآن الكريم على روح الميت بدعة وإن المسلم عندما يقرأ القرآن فهو يقرؤه لنفسه وليس للميت ، والشيخ عندما أفتى هذه الفتوى أخذ بالحديث الشريف الذي يقول: (ينقطع عمل بن آدم إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له) الحديث صحيح
والحديث واضح جداً وصريح بالفعل ، أنه ينقطع عمل بن آدم من كل شئ حتى من قراءة القرآن ، إلا من الأمور الثلاثة التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي صدر عن معقل بن يسار الذي قال فيه: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوها على موتاكم يعني يس) حديث ضعيف،
والله أعلم أن الرسول الكريم قصد قراءة يس عند الاحتضار لتخفيف الآلام وأمارات الموت على المحتضر ولتسهيل خروج الروح
وأنا أريد أن أعرف الحكم في هذه الفتوى ، فأنا دائماً كنت أقرأ القرآن على روح والدي رحمه الله ، وعندما سمعت بهذه الفتوى توقفت عن قراءة القرآن على روحه خوفاً من البدع ، واكتفيت بالدعاء له والصدقة على روحه ، مع العلم أن الذي أفتى هذه الفتوى هو فضيلة العلامة الجليل الشيخ: محمّــد بن صالح العثيمين
السؤال الثاني: عندما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (علم ينتفع به) ماذا قصد؟ هل هذا يعني على سبيل المثال أن أطبع كتاباَ دينياَ مفيداً وأكتب في مقدمته أو في مؤخرته على روح فلان كما هو معروف في بعض البلدان، وإذا كان هذا يجوز فهل أستطيع مثلاً أن أطبع أشرطة دينية مثل محاضرات قيمة وأوزعها للمسلمين على روح والدي؟ فأنا باستطاعتي أن أطبع مثل هذه الأشرطة، ويا ليت أن يكون هذا يجوز، فهذا ما أستطيع أن أفعله حالياً من الناحية العملية تلبية لقول الرسول الكريم (علم ينتفع به)، وبهذا … وبحول الله وفضله ومدده، أكون قد فعلت الأمور الثلاث: (العلم، الصدقة، والدعاء) من غير بدع ورياء ونفاق
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما ، ولم يشذ عن ذلك إلا المبتدعة الذين قالوا لا يصل إلى الميت شيء من الثواب إلا عمله أو المتسبب فيه
والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: (ليس في الصدقة خلاف) واختلف أهل العلم فيما سوى ذلك من الأعمال التطوعية كالصيام عنه وصلاة التطوع وقراءة القرآن ونحو ذلك
وذهب أحمد وأبو حنيفة وغيرهما وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الميت ينتفع بذلك
وذهب مالك في المشهور عنه والشافعي إلى أن ذلك لا يصل للميت
واستدل الفريق الثاني بقوله تعالى : (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) [النجم:39]
وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…….." رواه مسلم
والآية والحديث أجاب عنهما أصحاب الفريق الأول بأجوبة أقربها إلى الصواب بالنسبة للآية أن ظاهرها لا يخالف ما ذهب إليه أصحاب الفريق الأول فإن الله تعالى قال: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وهذا حق، فإنه إنما يستحق سعيه، فهو الذي يملكه، كما أنه لا يملك من المكاسب إلا ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، ولهذا الغير أن يهدي سعيه لمن شاء ، فإنه ليس كل ما ينتفع به الحي أو الميت من سعيه، بل قد يكون من سعيه فيستحقه لأنه من كسبه، وقد يكون من سعي غيره فينتفع به بإذن صاحبه، كالذي يوفيه الإنسان عن غيره فتبرأ ذمته
وأما جوابهم عن الحديث فقالوا : ذكر الولد ودعائه له خاصان ، لأن الولد من كسبه كما قال تعالى : (ما أغنى عنه ما له وما كسب) [المسد: 2] فقد فسر الكسب هنا بالولد، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه" رواه أصحاب السنن
فلما كان الأب هو الساعي في وجود الولد كان عمل الولد من كسب أبيه ، بخلاف الأخ والعم والأب ونحوهم فإنه ينتفع بدعائهم بل بدعاء الأجانب ، لكن ليس ذلك من عمله . والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "انقطع عمله إلا من ثلاث.." ولم يقل أنه لا ينتفع بعمل غيره، فإذا دعا له ولده كان هذا من عمله الذي لم ينقطع، وإن دعا له غيره لم يكن من عمل المرء ولكنه ينتفع به
فالصحيح إن شاء الله وصول ثواب القراءة للميت
وسلك بعض الشافعية ممن يقولون بعدم وصول القراءة للأموات مسلكاً حسناً . قالوا : إذا قرأ وقال بعد قراءته اللهم إن كنت قبلت قراءتي هذه فاجعل ثوابها لفلان صح ذلك . وعدّوا ذلك من باب الدعاء
2 المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: "أو علم ينتفع به" ما تركه الميت من العلم النافع كتعليمه الناس القرآن ونحو ذلك، وأما طباعة الأشرطة والكتب ونحوهما فكل ذلك يدخل في باب الصدقة الجارية، ويصل ثوابها لمن أهدي إليه إن شاء الله
فالحاصل أن المحققين من أهل العلم يرون أن من عمل عملا فقد ملك ثوابه إن استوفى شروط القبول، فله أن يهبه لمن يشاء ما لم يقم بالموهوب له مانع يمنعه من الانتفاع بما وهب له، ولا يمنع من ذلك إلا الموت على الكفر والعياذ بالله
هذا والله نسأل أن يوفقك لبر أبيك وأن يثيبك على حرصك على ذلك
وفي الختام ننبهك إلى أمرين
الأول: كتابة صلى الله عليه وسلم كاملة فلا ينبغي الاستغناء عنها بـ (صلعم)
الآخر: أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى جواز إهداء ثواب القراءة للميت، وأن ذلك يصله وينتفع به إن شاء الله ، وإنما الذي لم يجوزه هو الاجتماع عند القبور والقراءة عليها ، وأن الأولى اجتناب لفظ الفاتحة على روح فلان ونحوها من الألفاظ المحتملة التي اشتهرت عن بعض أهل البدع. وهذا الذي قاله الشيخ هو مذهب الجماهير من أهل العلم والمحققين
والله أعلم
وهذا جزء من فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
( ... وأما إهداء القرآن إلى الميت أو قراءة القرآن للميت فإن أهل العلم اختلفوا هل يصل ثوابها إليه أم لا
والصحيح أنه يصل ثوابها إليه
ولكن استئجار من يقرأ القرآن له هذا هو الذي يكون حراماً لأن قراءة القرآن قربة والقربة لا يصح أخذ الأجرة عليها فلو استأجروا شخصاً يقرأ القرآن للميت فإن عقد الإجارة محرم والقارئ لا يملك الأجرة بذلك وليس له ثواب من قراءته لأنه أراد بها غير وجه الله والميت لا ينتفع بها حينئذٍ لأنها ليست مقبولة يترتب عليها الأجر والثواب ... )
عدل سابقا من قبل المستشار في الثلاثاء 19 يوليو 2016, 12:48 am عدل 1 مرات
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
رد: حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت
شكرا على التوضيح
جزاك الله كل خير
مجد- عضو مشارك
- رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 35
تاريخ التسجيل : 22/12/2013
رد: حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت
وأشكرك للمرور
المستشار- الـمديـر العــام
- رقم العضوية : 2
عدد المساهمات : 2105
تاريخ التسجيل : 21/12/2013
جزاك الله الف خير يارب
المستشار كتب:
السؤال الأول : لقد سمعت من مدةٍ فتوى تقول : إن قراءة القرآن الكريم على روح الميت بدعة وإن المسلم عندما يقرأ القرآن فهو يقرؤه لنفسه وليس للميت ، والشيخ عندما أفتى هذه الفتوى أخذ بالحديث الشريف الذي يقول: (ينقطع عمل بن آدم إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له) الحديث صحيح
والحديث واضح جداً وصريح بالفعل ، أنه ينقطع عمل بن آدم من كل شئ حتى من قراءة القرآن ، إلا من الأمور الثلاثة التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي صدر عن معقل بن يسار الذي قال فيه: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوها على موتاكم يعني يس) حديث ضعيف،
والله أعلم أن الرسول الكريم قصد قراءة يس عند الاحتضار لتخفيف الآلام وأمارات الموت على المحتضر ولتسهيل خروج الروح
وأنا أريد أن أعرف الحكم في هذه الفتوى ، فأنا دائماً كنت أقرأ القرآن على روح والدي رحمه الله ، وعندما سمعت بهذه الفتوى توقفت عن قراءة القرآن على روحه خوفاً من البدع ، واكتفيت بالدعاء له والصدقة على روحه ، مع العلم أن الذي أفتى هذه الفتوى هو فضيلة العلامة الجليل الشيخ: محمّــد بن صالح العثيمين
السؤال الثاني: عندما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (علم ينتفع به) ماذا قصد؟ هل هذا يعني على سبيل المثال أن أطبع كتاباَ دينياَ مفيداً وأكتب في مقدمته أو في مؤخرته على روح فلان كما هو معروف في بعض البلدان، وإذا كان هذا يجوز فهل أستطيع مثلاً أن أطبع أشرطة دينية مثل محاضرات قيمة وأوزعها للمسلمين على روح والدي؟ فأنا باستطاعتي أن أطبع مثل هذه الأشرطة، ويا ليت أن يكون هذا يجوز، فهذا ما أستطيع أن أفعله حالياً من الناحية العملية تلبية لقول الرسول الكريم (علم ينتفع به)، وبهذا … وبحول الله وفضله ومدده، أكون قد فعلت الأمور الثلاث: (العلم، الصدقة، والدعاء) من غير بدع ورياء ونفاق
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما ، ولم يشذ عن ذلك إلا المبتدعة الذين قالوا لا يصل إلى الميت شيء من الثواب إلا عمله أو المتسبب فيه
والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: (ليس في الصدقة خلاف) واختلف أهل العلم فيما سوى ذلك من الأعمال التطوعية كالصيام عنه وصلاة التطوع وقراءة القرآن ونحو ذلك
وذهب أحمد وأبو حنيفة وغيرهما وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الميت ينتفع بذلك
وذهب مالك في المشهور عنه والشافعي إلى أن ذلك لا يصل للميت
واستدل الفريق الثاني بقوله تعالى : (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) [النجم:39]
وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…….." رواه مسلم
والآية والحديث أجاب عنهما أصحاب الفريق الأول بأجوبة أقربها إلى الصواب بالنسبة للآية أن ظاهرها لا يخالف ما ذهب إليه أصحاب الفريق الأول فإن الله تعالى قال: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وهذا حق، فإنه إنما يستحق سعيه، فهو الذي يملكه، كما أنه لا يملك من المكاسب إلا ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، ولهذا الغير أن يهدي سعيه لمن شاء ، فإنه ليس كل ما ينتفع به الحي أو الميت من سعيه، بل قد يكون من سعيه فيستحقه لأنه من كسبه، وقد يكون من سعي غيره فينتفع به بإذن صاحبه، كالذي يوفيه الإنسان عن غيره فتبرأ ذمته
وأما جوابهم عن الحديث فقالوا : ذكر الولد ودعائه له خاصان ، لأن الولد من كسبه كما قال تعالى : (ما أغنى عنه ما له وما كسب) [المسد: 2] فقد فسر الكسب هنا بالولد، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه" رواه أصحاب السنن
فلما كان الأب هو الساعي في وجود الولد كان عمل الولد من كسب أبيه ، بخلاف الأخ والعم والأب ونحوهم فإنه ينتفع بدعائهم بل بدعاء الأجانب ، لكن ليس ذلك من عمله . والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "انقطع عمله إلا من ثلاث.." ولم يقل أنه لا ينتفع بعمل غيره، فإذا دعا له ولده كان هذا من عمله الذي لم ينقطع، وإن دعا له غيره لم يكن من عمل المرء ولكنه ينتفع به
فالصحيح إن شاء الله وصول ثواب القراءة للميت
وسلك بعض الشافعية ممن يقولون بعدم وصول القراءة للأموات مسلكاً حسناً . قالوا : إذا قرأ وقال بعد قراءته اللهم إن كنت قبلت قراءتي هذه فاجعل ثوابها لفلان صح ذلك . وعدّوا ذلك من باب الدعاء
2 المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: "أو علم ينتفع به" ما تركه الميت من العلم النافع كتعليمه الناس القرآن ونحو ذلك، وأما طباعة الأشرطة والكتب ونحوهما فكل ذلك يدخل في باب الصدقة الجارية، ويصل ثوابها لمن أهدي إليه إن شاء الله
فالحاصل أن المحققين من أهل العلم يرون أن من عمل عملا فقد ملك ثوابه إن استوفى شروط القبول، فله أن يهبه لمن يشاء ما لم يقم بالموهوب له مانع يمنعه من الانتفاع بما وهب له، ولا يمنع من ذلك إلا الموت على الكفر والعياذ بالله
هذا والله نسأل أن يوفقك لبر أبيك وأن يثيبك على حرصك على ذلك
وفي الختام ننبهك إلى أمرين
الأول: كتابة صلى الله عليه وسلم كاملة فلا ينبغي الاستغناء عنها بـ (صلعم)
الآخر: أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى جواز إهداء ثواب القراءة للميت، وأن ذلك يصله وينتفع به إن شاء الله ، وإنما الذي لم يجوزه هو الاجتماع عند القبور والقراءة عليها ، وأن الأولى اجتناب لفظ الفاتحة على روح فلان ونحوها من الألفاظ المحتملة التي اشتهرت عن بعض أهل البدع. وهذا الذي قاله الشيخ هو مذهب الجماهير من أهل العلم والمحققين
والله أعلم
وهذا جزء من فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
( ... وأما إهداء القرآن إلى الميت أو قراءة القرآن للميت فإن أهل العلم اختلفوا هل يصل ثوابها إليه أم لا
والصحيح أنه يصل ثوابها إليه
ولكن استئجار من يقرأ القرآن له هذا هو الذي يكون حراماً لأن قراءة القرآن قربة والقربة لا يصح أخذ الأجرة عليها فلو استأجروا شخصاً يقرأ القرآن للميت فإن عقد الإجارة محرم والقارئ لا يملك الأجرة بذلك وليس له ثواب من قراءته لأنه أراد بها غير وجه الله والميت لا ينتفع بها حينئذٍ لأنها ليست مقبولة يترتب عليها الأجر والثواب ... )
مرية- عضو مشارك
- رقم العضوية : 336
عدد المساهمات : 11
تاريخ التسجيل : 28/08/2017
مواضيع مماثلة
» قراءة القرآن للميت
» ترجمة القرآن الكريم
» حكم قول ( صدق الله العظيم ) بعد قراءة القرآن
» أنواع هجر القرآن والحرج منه
» ذكر ( الأرض ) في القرآن
» ترجمة القرآن الكريم
» حكم قول ( صدق الله العظيم ) بعد قراءة القرآن
» أنواع هجر القرآن والحرج منه
» ذكر ( الأرض ) في القرآن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى