الاهلية القانونية

**المستشار** الأحد 29 ديسمبر 2013, 10:44 am

بسم الله الرحمن الرحيم

إن موضوع الأهلية له أهمية كبرى في مجال التصرفات القانونية التي يقوم بها الأفراد حيث تتأثر بها من حيث الصحة والبطلان ، فكل إنسان يقوم بتصرف معين يجب أن تكون له أهلية للقيام بهذا التصرف مما يجعل لها آثاراً قانونية تنعكس سلباً أو إيجاباً على الأفراد في المجتمع ، فما هي الأهلية وما المقصود بها ؟

الأهلية في اللغة تعني الصلاحية فيقال فلان أهل لعمل كذا إذا كان صالحاً للقيام به . وتعني في الشريعة صلاحية الشخص للالزام والالتزام بمعنى أن يكون صالحاً لأن تلزمه حقوق لغيره ، وتثبت له حقوق قبل غيره وصالحاً لأن يلتزم بهذه الحقوق . وتعني قانوناً صلاحية الشخص لأن تتعلق بذمته حقوق له أو عليه ولأن يباشر بنفسه الأعمال القانونية والقضائية المتعلقة بهذه الحقوق . فإذا صار الشخص أهلاً لثبوت الحقوق المشروعة له والحقوق المشروعة عليه وأهلاً للالتزام بحقوق ينشىء أسبابها القولية ويوجدها ومباشرة الأعمال القانونية والقضائية ، كانت عنده الأهلية بشقيها

وترتبط أهلية الانسان بشخصيته القانونية ، ذلك أن كل شخص أهل من الناحية القانونية للتمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات ما لم يكن هناك عارض أو مانع يحد منها أو يعدمها . وترتبط الأهلية بشخص الانسان الذي تثبت له الحقوق وتثبت عليه الالتزامات ، لذلك يجب أن تكون للانسان شخصية قانونية لكي يكون ذا أهلية لثبوت تلك الحقوق والالتزامات

وتبدأ شخصية الانسان بتمام ولادته حياً وتنتهي بموته . ولكي تبدأ تلك الشخصية لا بد أن تكون الولادة تامة بأن يتم انفصال المولود عن الأم وأن ينزل المولود حياً ولو لدقيقة واحدة ، وتثبت هذه الحياة بعلامات تدل عليها كالبكاء والتنفس والحركة . فإذا تحققت هذه الصورة بشكل كامل فقد اكتسب المولود الشخصية القانونية منذ تلك اللحظة وأصبح أهلاً للتمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات . وأما إذا نزل الجنين ميتاً فلا يعتبر أنه قد وجد وبالتالي فهو لا يكتسب الشخصية القانونية ، ومعنى ذلك أنه إذا ورث مالاً عندما كان في رحم أمه أو أوصي له بمال ، ثم نزل ميتاً فإنه لا يعتبر وارثاً وتعتبر الوصية باطلة لا أثر لها

ورغم أن الأصل المقرر في القانون انتهاء شخصية الانسان بموته إلا أنه وبخلاف الأصل يجوز أن تمتد شخصية الانسان إلى ما بعد الموت ، فغالباً ما يترك المتوفى مالاً يقتضي توزيعه على ورثته وقد تكون عليه ديون لم يسددها في حياته ويقتضي سدادها من التركة ، فلا بد أن تمضي فترة من الزمن بين وفاة الانسان وبين توزيع تركته وسداد ديونه . فإذا حكمنا بانتهاء شخصيته بمجرد وفاته ، ماذا سيكون مصير هذه الحقوق والالتزامات ؟ هل تترتب في ذمة الورثة والدائنين أم تبقى على ذمة المتوفى الذي انتهت شخصيته القانونية وبالتالي لا أهلية له ؟ لذلك تستمر شخصية المتوفى القانونية إلى حين سداد ديونه وتوزيع تركته